فى عالم اليوم بلغ تنظيم الدول على أسس متقدمة لضمان تحقيق العدل ولضمان الاستقرار والبناء الاجتماعى السليم. وأكبر ضمانة للعدل والبناء والنماء "الدستور" وهو الوثيقة التى تنظم العلاقة بين مؤسسات السلطة والمواطنين. وأفضل الدساتير ما تم وضعه عن طريق جمعية وطنية منتخبة من قبل الشعب انتخابا حرا نزيها وعن طريق الاقتراع المباشر.
وكل سلطة مهما كان اسمها تتولى الحكم وتصدر القوانين والقرارات بدون " شرعية دستورية " فهي سلطة سارقة وليس لها أي سند يفوضها بالحكم والاستمرار فيه. وبناء على ذلك ونظرا لغياب الوثيقة الدستورية فى ليبيا فإن كل ما جرى ويجرى فى البلاد يعتبر باطلا، ولا شرعية له.
وفى عالم اليوم هناك قوانين تنظم كيفية ادارة ثروة البلدان، وتنظم عملية النشاط الاقتصادى بحيث لا يسمح بتبديد ثروة البلاد، ولا يسمح بسرقة المال العام من أي طرف مهما كان مركزه فى السلطة. وفى ليبيا ثبت تبديد ثروة المجتمع، بل ثبت سرقة أموال الشعب من قبل مجموعات صغيرة جاءت إلى السلطة بطرق غير مشروعة.
إن 40 سنة من الحكم كانت فرصة لمن يحكمون أن يصححوا الأخطاء التى ظلت تصاحبهم، وظلت تتسع وتكبر حتى دمرت الكثير من مؤسسات الدولة ومنها : التعليم والقضاء والأمن وخزانة المال العام والصحة والتجارة.. الخ
وانتهت فى ليبيا معالم " الدولة الحديثة " التى يحلم بها الشعب الليبى وخاصة الشباب الذى اصبح عدده يساوى نصف السكان.
حكام ليبيا على اختلاف مسمياتهم تجاهلوا حقوق الشعب وطموحه فى بناء دولة عصرية فى بلد وهبه الله ثروة كبيرة. حكام ليبيا على اختلاف مراكزهم المعلنة والسرية لهم عقول لا يفقهون بها، ولهم عيون لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها... وتلك صفات لا تتناسب مع من يتحمل مسئولية حكم شعب يتمتع رجاله ونساءه بفراسة قادرة على معرفة الصادق من الكاذب، ومعرفة السارق من النزيه.
عالم اليوم وخاصة خلال العقود الثلاثة الماضية صار الناس فيه أكثر وعيا بفضل ثورة الاتصالات والمعلومات وخاصة الشباب الذى يتقن التعامل مع وسائل الاتصالات المتطورة بينما الكثير من الحكام لا يعرفون كيف يستخدمونها لتقدمهم فى السن ولتدنى مستويات تعليمهم. لقد فوجئ الحكام العرب ومنهم حكام ليبيا بثورة يقودها الشباب فى تونس ومصر، وسوف يفاجؤون بثورات أخرى يقودها الشباب الذى حرم من حقوقه طوال عشرات السنين وبعضهم من الحاصلين على شهادات جامعية.
حركة التاريخ فى البلدان العربية تتجه بسرعة وبقوة نحو تغيير الواقع السياسى ولن تكون ليبيا استثناء.. الشباب المهمش المتجاوز لحكامه الجهلة والمتجاوز لشعاراتهم الكاذبة يعرفوا أن الطريق صار واضحا بعد الانصارات التى تحققت فى كل من تونس ومصر، والجغرافيا لها قانونها فى احداث التغيير ولا مفر لليبيا من موقعها، ولا حصانة لها ضد رياح التغيير التى هبت على المنطقة بكل أجزائها. "وتلك الأيام نداولها بين الناس... "
وهي سنة من سنن الله ولن تجد لسنة الله تبديلا... سنن الله فى الاجتماع والسياسة لا تحابى أحدا... وهي كثيرا ما تأتى بغتة، وهذا ما حدث فى تونس ثم فى مصر رغم كل الاجراءات والحيطة، ورغم كل التصريحات الغبية... شكرا لله أن عشنا وطالت أعمارنا لنرى سقوط الطغاة وزوال نظمهم القاهرة... الحمد الله الذى هدى شبابنا إلى هذه الانتصارات المبهجة... "قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيئ قدير " صدق الله العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق