من خطة طريق إلى ميثاق عهد، يبرر المستقلون حوارهم مع النظام للحفاظ على بنية دولة الحزب القائد قبل انهيارها
قرأت في 24 حزيران، يوم "جمعة إسقاط الشرعية عن النظام"، تقريرا على شبكة بي بـي سي العربية، أعده مراسها من دمشق، وأفاد فيه أن أكثر من مئتي معارض سوري مستقل سيعقدون الاثنين المقبل لقاءً تشاورياً في فندق شيراتون تحت شعار "سورية للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية.". وان أبرز المشاركين في اللقاء ميشيل كيلو وعارف دليلة وفايز سارة وغيرهم.. وذكر تقرير الاثنين: لؤي حسين وأنور البني وغيرهم.وقال تقرير "جمعة إسقاط الشرعية عن النظام" إن بي بـي سي حصلت على نسخة من ورقة العمل التي أبرزت:[أن التغيير المقصود يرتكز على تنازل السلطة عن جزء كبير من سيطرتها على الدولة والمجتمع وإعادتها إلى المجتمع.. كما تناولت ورقة العمل إيجاد الوسائل للتصالح مع النخب السورية وإطلاق يدها للعمل في الحياة العامة باعتبارها الشريك الوحيد للسلطة في خياراتها الإصلاحية والتغييرية.. ودعت الورقة إلى إنشاء مجلس وطني تشريعي بمشاركة حزب البعث وشخصيات مستقلة.] لكن الانتقادات اللاذعة التي وُجهت للذين قرروا لقاء شيراتون، جعلتهم يُغيِّرون وجهتهم صوب فندق سمير أميس، لكن شيئا لم يتغير بين ما جاء في "ورقة العمل أو خطة الطريق" للقاء شيراتون الذي كان مزمعا عقده، وبين ما أقروه في وثيقة "عهد" في ختام اجتماعهم في فندق سمير أميس للحفاظ على "بنية الدولة" قبل انهيارها، اللهم إلا الإشارة التي أرسلها فاروق الشرع لدعمهم، وأعلن تحديد العاشر من يوليو/ تموز المقبل موعدا لانعقاد اللقاء التشاوري الذي دعت له هيئة الحوار الوطني.فخطة الطريق أو ميثاق العهد لعام 2011، ليستا إلا خطة وعهدا للعودة إلى ميثاق الجبهة الوطنية "التقدمية" لعام 1971، الذي وقعه حافظ الأسد وخالد بكداش وجمال الأتاسي وفايز إسماعيل وعبد الغني قنوت.. أما اللقاء التشاوري الذي أعلنه فاروق الشرع في 10 يوليو/ تموز المقبل، فهو لتقييم وتقويم ميثاق الجبهة "التقدمية" الحاكمة، ليتم اتخاذه من جديد ميثاقا لهذه الأحزاب المسؤول قادتها عن كل ما جرى في الوطن السوري منذ أن أفشلوا سياسيا ذاك النصر المبين الذي أحرزته جيوش أوطان الأمة العربية كلها من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي في حرب تشرين عام 1973، ما أدى في نهاية المطاف إلي خروج نظامنا السوري من إستراتيجية الأمن القومي العربي وانضمامه إلى الإستراتيجية الإسلامية الإيرانية المذهبية المسرفة. فخطة طريق الشخصيات المستقلة "العلمانية" وميثاق عهدها وُضعت فبل انهيار الدولة "للحفاظ على بنيتها"وفقا للمادة الثامنة من دستور عام 1973 والتي نصها: حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية. ولهذا حددت خطة طريقهم وميثاق عهدهم ثلاثة مطالب، على النظام تلبيتها كي يقبلوا مشاركة الحزب القائد وجبهة أحزابه الوطنية التقدمية "العلمانية" والعمل معهما في ظل دولة ديمقراطية مدنية، هي: 1ـ إن على الحزب القائد للمجتمع والدولة إيجاد الوسائل للتصالح مع النخب السورية "أي مع شخصيات خطة الطريق وميثاق العهد"، وإطلاق يدها للعمل في الحياة العامة باعتبارها الشريك الوحيد للسلطة في خياراتها الإصلاحية والتغييرية، وليس مع شباب ثورة الحرية والكرامة الممثلة لكل أبناء الشعب السوري.2ـ يجب على الحزب أن يتنازل عن جزء كبير من سيطرته على الدولة والمجتمع وإعادتها للمجتمع "أي لشخصيات خطة الطريق وميثاق العهد"، وليس إعادتها كاملة للشعب السوري الممثل كله في ثورة الحرية والكرامة.. ففي دستور الاستقلال الوطني لعام 1950 تنص المادة الثانية على أن السيادة للشعب، ولا يجوز لفرد أو جماعة إدعاؤها.. وأن السيادة تقوم على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب.. وأن الشعب يمارس السيادة ضمن الأشكال والحدود المقررة في الدستور. 3ـ إنشاء مجلس وطني "أعيان أو شيوخ" يتشارك فيه الحزب وجبهة أحزابه مع شخصيات خطة الطريق وميثاق العهد. لكن الحقيقة التي لا جدال فيها، هي أن شباب الثورة السورية السلمية الذين تحدوا وما زالوا يتحدون رصاص نظام الطغيان والفساد بصدورهم العارية والعامرة بالإيمان بالله وبحب الوطن والشعب، قد انتزعوا السيادة الوطنية من أيدي الطغاة وأعادوها إلى الشعب، وهذا يعني: سقوط شرعية بشار، وشرعية مؤسساته الأمنية، وشرعية حزبه وجبهة أحزابه، وأيضا: سقوط شرعية الذين سيتفاوضون مع نظام فقد الشرعية. ونحن في الكتلة الوطنية نرى أن شباب ثورة الحرية والكرامة ما زالوا يرددون في مسيراتهم شعارهم الثابت "وحدة الجيش والشعب".. ولهذا ما زلنا ننادي قادة حماة الديار منذ ذكرى الاستقلال والجلاء المجيدين، ليضعوا حدا لإراقة الدماء، وينضموا إلى ثورة الحرية والكرامة كما انضم أشقاؤهم من قادة جيش مصر العظيم إلى أبنائهم شباب الثورة، ويوجهوا الدعوة إلى جميع ممثلي مكونات مجتمعنا الوطني دون استثناء أحد منها للعمل على إعادة بناء الدولة والمجتمع على نفس الأسس التي بنى عليها رجال الاستقلال والجلاء جمهوريتنا البرلمانية التعددية الحرة في الفكر والسياسة والدين وفي احترام حقوق الإنسان والأقليات، وذلك بالعمل على ما يلي: 1ـ إلغاء دستور احتكار السلطة لعام 1973، دستور التمييز القومي والتمييز الطبقي بين المواطنين.. وإلغاء كل ما نتج عن انقلاب البعث منذ 48 عاما.. وإعادة دستور الاستقلال الوطني لعام 1950، والعمل به ريثما تتم الدعوة لانتخابات مجلس تأسيسي ووضع الدستور الجديد.2 ـ إجراء المصالحة الوطنية مع كافة أطياف المعارضة الوطنية في الداخل والخارج، دون استثناء أحد منها، وفي مقدمتها حزب الإخوان المسلمون.3ـ إحداث هيئة قضائية عليا من خبراء في القانون الوطني والدولي لمحاسبة كل من أساء استخدام السلطة وكل من اغتنى على حساب دماء شهداء الوطن وعرق جبين أبنائه منذ إصدار قوانين التأميم في عهد الوحدة حتى يومنا هذا. 4ـ إعلان وثيقة قيام الدولة الوطنية العلمانية برفض كل قيم التمييز بين بني البشر: التمييز القومي والتميز الديني والتمييز الطائفي والتمييز الطبقي الاجتماعي.. واحترام حقوق الإنسان والأقليات، وكل صاحب فكر حتى ولو كان الشرك بالله، أستغفر الله، وفقا لما نصت عليه الآية الكريمة 17 من سورة الحج: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.. فالله وحده هو الذي سيفصل يوم القيامة في خلافات أصحاب هذه الأديان والعقائد ولم يخول أحدا للفصل بينهم في الحياة الدنيا.. والبرلمان الوطني السوري هو الذي سيصدر التشريعات لتحديد العقوبات لمن يخالف نص هذه الآية الكريمة.5 ـ العودة إلى إستراتيجية الأمن القومي العربي، والرفض المطلق لآي إستراتيجية إقليمية لا تخدم المصلحة العربية العليا.6 ـ السماح لكل الأحزاب السياسية الوطنية والقومية والإسلامية والأممية التي كانت تعمل على الساحة السياسية السورية عام 1954، وهي: الحزب الوطني، وحزب الشعب، والسوري القومي الاجتماعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وحزب الإخوان المسلمون، والحزب الشيوعي السوري، وكل من يريد أن يؤسس حزبا سياسيا جديدا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.ففي خمسينيات القرن العشرين كنا نرى على الساحة الثقافية السورية تواجدا للفلسفة الوجودية لجون بول سارتر.. وفي تجهيز البنين في اللاذقية كنا ندرس كل الثقافات والحضارات ومدارس الفلسفة في كل العصور، ولم أزل أحفظ لأبي العلاء:*هفتِ الحنيفةُ ُوالنصارى ما اهتدتْ..ويهودُ حارتْ والمجوسُ مضلله**اثنـان أهــلُ الأرض ذو عقـــل بـلا..ديـنٍ وآخــرُ ديِّــنٌ لا عقــــلَ لــهْ*وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أنني من خلال مراجعتي للصراع في بيت الثقافة والحضارة الغربية المسيحية، استطعت أن أميز بين ثلاثة أنواع من الأنظمة العلمانية، هي:
آ – الأنظمة العلمانية صاحبة عقيدة التعددية الديمقراطية الحرة في الفكر والدين والسياسة والاقتصاد، كالتي مارستها وتمارسها الولايات المتحدة والبلدان الغربية الأخرى.
ب - الأنظمة العلمانية صاحبة عقيدة التمييز القومي الاشتراكي كالتي مارستها ألمانيا النازية ودول المحور وأنظمة الانقلابات العسكرية في مصر وسورية والعراق.
ج - الأنظمة العلمانية صاحبة عقيدة التمييز الطبقي والصراع الطبقي الاجتماعي وديكتاتورية الطبقة العاملة كالتي مارسها الاتحاد السوفييتي السابق وبقية الدول الشيوعية ومن لف لفها من الدول العربية التي أطلقت على نفسها، اسم: الأنظمة "التقدمية" العربية.
والسؤال المطروح على شخصيات خطة طريق وميثاق عهد: أي نظام سيختارون من هذه الأنظمة الغربية؟.. أم أنهم سيُبْقـُون على هذا المزيح بين "علمانية" حزب البعث العربي الاشتراكي و "علمانية" أحزاب جبهته المبنية جميعها: على التمييز القومي والتمييز الطائفي والتمييز الطبقي الاجتماعي؟.
أم أنهم أصبحوا يؤمنون بالعلمانية الأمريكية التي آمن بها صلاح الدين البيطار، أحد أعمدة حزب البعث، بعد تلبيته الدعوة التي وجهتها له الخارجية الأمريكية كوزير للخارجية السورية عام 1957 كما جاء في كتاب بيير بوداغوفا الصراع في سورية، ونصح رفاقه بعد عودته: بعدم التسرع، وعدم الامتناع، وبالتروي ورؤية الإيجابي في مشروع أيزنهاور؟.
ممثل الكتلة الوطنية السورية: د. محمود حسين صارم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق