محمد البوعزيزي يحترق من الظلم الأجتماعي. إنه شاب في مقتبل العمر يضرم النار في جسده ! وا إسلاماه! رباه رباه لطفك بنا. كيف وصل الأمر بهذا الشاب أن يحرق جسمه الغض؟! تبا لكل طاغ متكبر لا يؤمن بيوم الحساب. نعلم أنه كان بائعا متجولا ببعض الخضار ليكتسب رزقه حلالا ومن عرق جبينه. ولكن رجال الدولة من درك وموظفين غير جديرين بكراسيهم الوتيرة، والقابعين في الغرفات الظليلة أبوا أن يكلموه تكليما بعد أن استولوا على بضاعته. ليس ما فعلوه ظلما ولكنه القهر بعينه الذي رأه صاحبنا ذلا فما استطاع على الذل صبرا فكان منه ما كان، ولعله يعذر. نعلم أيضا أن ما أقدم عليه بطل تونس كان له دوي صاعق في آذان التونسيين وفي ضمائرهم فخرجوا في انتفاضة شهد لها العالم أجمع وتناقلتها الأخبار، وجعلت الطغاة البغاة يعيدون حساباتهم "ويتفهمون" أحوال البلاد والعباد ومعائشهم في تونس، فنتج عن شرارة النار تلك سقوط أربعة وزراء وثلاثة ولاة عن سدة الحكم. وكان أن زار الرئيس نفسه البطل في العيادة متعهدا بنقله إلى مستشفيات فرنسا إن لزم الأمر. لماذا إضرام النار في الجسد؟ الجواب في كلمة واحدة ... الظلم. وحيث أن الرئيس قد "تفهم الوضع الأجتماعي" لهذا الشاب البطل صاحب النفس الأبية، فالواجب إذا تسليط الضوء على مشكلة توزيع الثروة في مجتمعاتنا، أو ما يسمي العدل الأجتماعي. بطل تونس والعرب المستضعفين لم يحتمل الظلم الأجتماعي المتمثل في قلة مترفة ومتسلطة، وكثرة معدمة ومهمشة، وهذا وضعنا المأساوي. قلة متخمة ومترفة وغنية لدرجة فاحشة ربما كانت تعد العدة للأحتفال بعيد الميلاد وتبذير أموال الناس التي استولوا عليها ظلما وعدوانا لأرتكاب الفاحشة، ولكم المثل في أبناء ملك الملوك، الثوري الأشتراكي، وما فعلوه منذ سنة مضت وما يفعلونه من سرقة أموال تنؤ بحملها العصبة أولي القوة. وكثرة الشعب، وخاصة الشباب، يحصدها الفقر والعوز، وتأكل البطالة أعمارهم، وهاكم الشباب في جميع أقطار الوطن العربي خير مثال. سؤ الحال إذا من طبقة حاكمة ظالمة متخمة مترفة ومتعفنة ومقززة ومجرمة ولا يجوز شرعا ولا عقلا ولا قانونا أن تطاع بل الواجب دحرها عن السلطة ومحاكمتها والقصاص منها. إن ما قام به هذا البطل لا يمكن أن يمر علينا حدثا هينا، لأنه أمر جلل. وعلى جميع مثقفينا وكتابنا ومفكرينا وعلماء ديننا وحتي الطغاة فينا أن يتفكروا في هذا الحدث الخطير. وهاأنذا أقدم هذه الأسئلة لأثير في أنفسنا التفكير الجدي والهادف. 1. لو أن هذا الشاب صب البنزين على جسم "الوالي" أو أي موظف في الدولة ثم أشعل الكبريت فيه، فهل سيتحرك الناس مناصرين له في الميادين؟ 2.هل عندها سيتفهم الرئيس الحالة الأجتماعية للشباب العاطل عن العمل؟ وهل سيقوم بتغير وزير واحد من وزرائه؟ وهل سيقرر تخصيص مبلغ 15 مليون دولارا لمنطقة أبوزيد والمناطق المجاورة لها؟ 3.هل سيتهم الشاب بالأرهاب إذا كان جسد الوالي هو الجسد المحترق؟ وهل سيشنق الشاب عندها ويعدم معه كل أصحابه وأترابه من الجيران وأفراد العائلة التي سيكتشفون أنها برمكية الأصل؟ 4. لو أن هذا الشاب مات نتيجة ما فعله بنفسه، وأدعو الله تعالى أن يشفيه مما به وينجيه حتى يكون علينا شهيدا، ولكن جدلا لو أنه مات فهل هو شهيد أم مجرم رعديد؟ 5. ترى من المجرم الحقيقي في هذا الحدث الجلل؟ لن أجيب على هذه الأسئلة، ولكنني أحب أن ألقي قبسا من نورعلى بعض الحقائق والمبادئ الأسلامية المعطلة، وهذه جريمة في ذاتها. القرآن العظيم ومشكل الترف والطغيان الترف و الطغيان وجهان لعملة واحدة هي الفساد. القرآن العظيم يعتبر الترف والغنى الفاحش مظاهر هدامة لكيان المجتمع، ولا ينتج عنها إلا الجريمة وكل الأمراض الأجتماعية الفتاكة. والقرآن العظيم واضح بخصوص عقاب جريمة الترف والطغيان دنياويا وأخرويا. لبيان هذه الحقائق، إقرؤوا إن شئتم هذه الأيات: "كلا إن الأنسان ليطغى أن رآه استغنى". سورة العلق. "وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها: إنا بما أرسلتم به كافرون". سورة سبأ والأية الكريمة التالية من سورة هود تشير إلى الحل الذي يجب على المؤمنين اتخاذه لمحاربة الفساد، أقرؤوا وتفكروا. "فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض، إلا قليلا ممن أنجينا منهم، واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين، وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون". أين الذين ينهون عن الفساد في النظم المستبدة؟ أين جهاد الكلمة؟ أين كلمة الحق عند سلطان جائر، أي المستبد الطاغي؟ أين دور المثقفين والكتاب والمصلحين والعلماء لمنع الظلم والأستبداد؟ استغلال المناصب الحكومية للتكسب الحرام هو أساس الطغيان والترف وهو الداهية الدهماء التي لا تبقي ولا تذر، وهي الحالقة التي تأتي على أساسات المجتمع لتدمرها وتقتلعها، وهذا السرطان الخبيث ينمو وبسرعة البرق في أنظمة الأستبداد والدكتاتورية، أنظمة لا أريكم إلا ما أرى، أنظمة ملك الملوك، والصقور الوحيدة، انظمة الحلول الجذرية والمطلقة، أنظمة جدلية الصراع النهائي، والأقتحام النهائي، أنظمة "اكذب واكذب واكذب حتى يصدقك الناس" كما قال المجرم لينين، أنظمة الغاية تبرر الوسيلة، أنظمة التغني بالأنتاج وتوزيع الأنتاج ويموت المواطن محتاج، أنظمة في الحاجة تكمن الحرية، فإذا المواطن يموت في حاجة الحرية، أنظمة الدجل والدكتاتورية. نحن المسلمين مطالبون بالجهاد لنصرة المستضعفين في الأرض وللوقوف في وجه الظالمين. فإذا طغى المتكبرون المستبدون، فعلينا أن نكون أنصار الحق بالكلمة الصادقة، بالمال، أو بالنفس. قال تعالى في سورة النساء: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا". أكتفي بهذا القدر، وسيكون حديثي القادم، بإذن الله تعالى، عن المبادئ والقواعد التي أرساها صاحب الخلق العظيم، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما هي منظومة الأخلاق التي حري بنا أن نتبعها حتى لا يلجأ شبابنا إلى حرق أنفسهم في دول النعيم الأرضي، والجنات الموجودة؟! ضيف الغزال |
العقول الكبيرة تناقش الأفكار والمتوسطة تناقش الأشياء أما العقول الصغيرة فهي التي تناقش الأشخاص
السبت، 8 يناير 2011
أحداث سيدي بوزيد في تونس ... لماذا؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق