السبت، 8 يناير 2011

لم يفهما بعد.... نعمان بن عثمان ... تمعن فيما كتب

 كيف يتوقع منـا التعامل مع وثائق (ويكي ليكس) المسربة؟
إن الاطلاع علي وثائق مصنفة (سري) بدرجات مختلفة من التصنيف ولم ترفع عنها تلك الصفة بعد، يعتبر من الأمور التي يتميز ويحظى بها بعض الاشخاص دون غيرهم، سواء كانوا من العاملين في مجال صناعة المعلومات أو صناع القرار. وكل المنتمين للفئتين يمتلك من المهارات والتعليم والخبرة والامكانيات التي يحتاجها لصناعة المعني والمعرفة من تلك الوثائق.




وفي المقابل ليس كل من أصبح قادرا على قراءة تلك الوثائق بفضل ثورة (ويكي ليكس)، وعملية جمهرة المعلومات.. بقادر على صناعة المعني واكتساب المعرفة بمستويات أعلى من مجرد القراءة والإطلاع.




من المسائل الفنية التي يجب ان يُشار اليها أن مفتاح النجاح نحو صناعة المعني من تلك الوثائق يتمثل في مجموعة نقاط منها:
ـ الوثائق المسربة تخص وزارة الخارجية الأمريكية، فهي لا زالت تحت مسمي "النشاط الدبلوماسي".
ـ أكثر من 95% من تلك الوثائق لم ولن تطلع عليها وزيرة الخارجية. وهنا يجب التأكيد على الفارق بين السرية وبين الأهمية. فليس كل ما هو سري بالضرورة هو مهم.. وكذلك ليس كل ما هو مُعلن ومتاح هو غير مهم!!
ـ الوثائق التي تنتجها مؤسسات ووكالات مجتمع الأمن والأستخبارات تعتبر الأكثر خطورة لارتباطها المباشر بجمع المعلومات الحساسة والنشاط التجسسي وصناعى الاستخبارات... وهي ليست ضمن مجموعة (ويكي ليكس). ومن اهم الجهات الأمريكية في هذا المجال:
* وكالة الأمن القومي (NSA)
* وكالة استخبارات الدفاع (DIA) (وكلاهما تتبع تصنيف الاستخبارات العسكرية)
* مكتب التحقيق الفدرالي (FBI) (وهي وكالة أمنية تتبع وزارة العدل)
* وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) (وهي وكالة مستقلة)




ملاحظات ليـبـية عن الوثائـق
ـ أولا أجد من المناسب أن أقدم بين يدي الملاحظات بأنني التقيت شخصيا ببعض الدبلوماسيين الذين كتبوا بعض الوثائق أثناء عملهم في بعض عواصم الشرق الأوسط، وأتيحت لي فرصة الاستماع اليهم بشكل مباشر حول نظرتهم وتفسيرهم لوثائق (ويكي ليكس) وأسباب تسريبها.




ـ منذ سنتين تقريبا كنت في حديث مع صديق مهم (واصل) فذكرت له الفارق بين الدبلوماسية التقليدية والدبلوماسية السرية والجاسوسية.. وسبب استحضاري لتلك المناقشة هو للتأكيد على أن كثيرا مما احتوته وثائق (ويكي ليكس) هو مثال صارخ على نشاط الدبلوماسية السرية.




وكلما كانت العلاقات الدبلوماسية التقليدية ضعيفة وفاترة كلما زادت وتيرة نشاط الدبلوماسية السرية. وهي تختلف تماما عن نشاط الجاسوسية، بل إنه في الغالب ما تلجؤ اليها الدول المعنية عندما تتخوف من اطلاق عمليات تجسسية ضد البلد المستهدفة (الهدف) خوفا من العواقب وارتفاع درجة المخاطرة.. إضافة الى عدم القدرة على تجنيد جواسيس.




وتعتبر الجماهيرية ـ في تقديري ـ من أكثر الدول تعرضا لنشاط الدبلوماسية السرية لكونها حتى اللحظة منيعة وحصينة ضد النشاط التجسسي.




ـ خلال مرات عديدة وفي مناسبات متكررة لم أفلح في اقناع بعض الأصدقاء بأن التقييمات الرسمية للمواقف السياسية المختلفة ـ وخاصة على مستوي العلاقات الدولية ـ التي تنتجها جهات رسمية وتشرف عليها شخصيات رسمية، ليست ذات مصداقية وصوابية عالية بالضرورة. بل أحيانا يمكن وصفها بالمضللة عندما تساهم بمدخلات خاطئة في صناعة القرار.




وبالمقابل، فات التقييمات غير الرسمية ـ وفي بعض الأحيان مصدرها (الدبلوماسية السرية المضادة) ـ تكون أكثر دقة وأعمق رؤية.. وهذا م أكدتة وثائق (ويكي ليكس) على الأقل كما فهمتها.




ـ وضعت (ويكي ليكس) النقاط على الحروف فيما يتعلق بطبيعة العلاقة بين قائد الثورة الليبية والغرب. تلك العلاقة التي يصر البعض على تجاهلها عمدا ولدرجة التناقض غير المنطقي. فهي علاقة بين مدّ وجزر. ووظيفة الدبلوماسية الليبية إدارة هذا الصراع بتوجيه مباشر من القيادة حتي لا يخرج عن المحددات والقواعد الكامة لدلك الصراع، والثقة غير المتوفرة بين الطرفين.




ـ ليس كل مظهر على هيئة تقرير أو وثيقة رسمية يعني بالضرورة بأن ذلك برهانا قاطعا على مصداقيته وصحته... لأنه كما ظهر واضحا في الكثير من وثائق (ويكي ليكس) يعكس فهم وتحليل وتقدير من كتب تلك الوثيقة لموقف أو حدث أو حتي شخصية معينة. ولذلك يجب الحذر من أخذها كحقيقة تاريخية أو حتى (كونية) عند بعض عباقرة هذا الزمان.




ـ الجهات والشخصيات الي أشير اليها في وثائق (ويكي ليكس) المعنية بالشأن الليبي بالتأكيد لديها، ولدى الدولة، الكثير من التفسيرات والمبررات التي تختلف جوهريا بعض الاحيان مع السياق الذي اختاره من ساهم كتب تلك الوثائق وارسلها الى واشنطن.




فقد تم استغلال وتوظيف وتوجيه تعاطيهم مع الدبلوماسية الانريكية بطرقة قد تكون مرفوضة من قبلهم، ولذلك يجب استخدام منهج ومنطق التشكيك والحذر وعدم التسليم بكل ما جاء في جاء في تلك الوثائق. ولكن المطلوب أيضا الاستفادة من هذه المسألة في تطبيق نفس المتهج والأسلوب على المواطنين الليبيين تحقيقا للعدالة وحتى لا يُظلم أحد.




ـ يجب الاستفادة من الوثائق المسربة في الوقوف على مسألة في غاية الأهمية وهي كيف تتحول المناسبات والعلاقات الاجتماعية ـ مثل لقاء عابر في حفل استقبال أو احتساء كوب من الشاي أو حوار مع دبلوماسي ـ الى موضوع أمني بعد أن يتم انتاجه من خلال وثيقة تم تصنيفها (سري). وهذه المسألة فرع من اشكالية أكثر اتساعا وشمولا، وهو ماصار يعرف بإعطاء (الصفة الأمنية) لموضوهع معين أو إشكالية ما... وضمن السياق الغربي تعتبر المسألة أكثر التصاقا بمجال (السياسات العامة) اما في البلاد العربية فالمسألة تقع في مجال (الثقافة والفكر).




ـ النظرة المتأنية والعميقة، مع أخذ مسافة معينة من الوثائق، تشير الى مسألة غاية في الأهمية وهي امكانية أختراق عقل العم (سام) واحداث عملية تسميم سياسي متعمد... وهذا ليس بمستبعد في حالة قراءة الوثائق المتعلقة بليبيا والشأن الليبي.


عن أخبار ليبيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق